الذكرى 62 لنكبة فلسطين
اثنتان وستون سنة مرّت على نكبة فلسطين في العام 1948. وقد تمثلت النكبة في قيام دولة الكيان الصهيوني على 78% من أرض فلسطين، ثم استكملتها في العام 1967 باحتلالها ما تبقى من فلسطين بما في ذلك استكمال احتلال القدس من غربيها إلى شرقيها.
لقد تأكدّ بما لا يدع مجالاً للشك أن قرار التقسيم الرقم 181 لعام 1947 لم يقصد منه إقامة دولتين كما يدلّ ظاهره، وإنما أُريد منه أن يكون ذريعة لإعلان قيام دولة الكيان الصهيوني "إسرائيل"، أي إسباغ نوع من الشرعية عليها. ولكن بصورة غير شرعية من قِبَل هيئة الأمم المتحدة. فلا ميثاق هيئة الأمم يعطيها شرعية تقرير مصير البلدان أو تقسيمها. فتقرير مصير الدول وفقاً للميثاق هو من حق شعوبها.
وإن الأمر لكذلك بالنسبة إلى القانون الدولي الذي يحصر حق تقرير المصير في المستعمرات، وفلسطين كانت واحدة منها، لشعبها الأصلي الذي كان فيها يوم استيلاء الاستعمار عليها.
البعض راح يُلقي اللوم على الفلسطينيين لرفضهم قرار التقسيم المذكور بالرغم من إجحافه ولا شرعيته، باعتبار القبول بقيام دولة فلسطينية على 45% من فلسطين وبالقدس دوليةً أفضل من النتائج التي حدثت بعد ذلك.
وهنا تكمن مغالطة أخرى تحسب أن القبول بقرار التقسيم كان سيدخله إلى حيّز التطبيق. علماً بأن تطبيقه كان مرفوضاً دائماً من جانب قادة المشروع الصهيوني وداعميهم الدوليين؛ لأن إقامة دولة لليهود غير ممكنة فوق مساحة يسكنها من العرب 49% أو 50% من تعداد سكانها. وهؤلاء يملكون أكثر من 90% من أراضيها. فكيف يمكن أن تقوم دولة الكيان الصهيوني على أرض لا تملكها وبنسبة سكانية مساوية لليهود فيها سرعان ما ستنقلب في مصلحة العرب في بضع سنين. ناهيك عن القسم الآخر العربي الخالص.
ثم إذا أُضيف ميزان القوى العسكري الذي وفرّته بريطانيا بتفوّق لقوات الهاغناه التي أصبحت الجيش الإسرائيلي، ليس على الفلسطينيين المجردّين من السلاح فحسب وإنما أيضاً، على ما أمكن من حشده من جيوش عربية دخلت فلسطين عام 1948 (كانت النسبة العددية 3 إلى واحد في مصلحة الهاغناه، والنسبة التسّلحيّة أكثر بكثير). وهو ما تأكد في الميدان.
ولهذا ما كان من الممكن أن يُنفذ قرار التقسيم، وإنما أن تقع الحرب ليتحقق الشرط الآخر لقيام "إسرائيل" وهو طرد حوالي مليون فلسطيني (2/3 الشعب الفلسطيني) إلى خارج خطوط الهدنة التي استقرّت على اغتصاب 78% من فلسطين أي بزيادة 22% عما يعطيه قرار التقسيم. وقد تبيّن، بعد 1967، أن ذلك غير كافٍ أيضاً مع استيطان الضفة الغربية وضمّ القدس الكبرى ووضع اليد على الأغوار، بما لا يبقي لما يسمّى الدويلة الفلسطينية 40% من الضفة. وهذه مقطّعة الأوصال وأهلوها تحت التهديد بمزيد من التهجير.
من هنا سميّت نكبةً بحقّ، ومن هنا تكون دولة الكيان الصهيوني قد قامت بلا شرعية من وجهتي نظر القانون الدولي وميثاق هيئة الأمم كما من وجهة نظر اغتصاب الأرض وتهجير أصحابها وما ارتكبته من جرائم حرب وإبادة وتطهير عرقي استمرّ من 1948 حتى اليوم، وما زال حبله على الجرار.
ومع كل هذا، ومع المجازر التي تعرّض لها قطاع غزة، ومع ما يجري من استيطان وتهويد للقدس واعتداء على المقدّسات وحفريات تحت المسجد الأقصى ومصادرة للحرم الإبراهيمي ومسجد بلال وبناء كنيس الخراب يرسل الرئيس المصري حسني مبارك بتهنئة إلى شيمون بيريز بعيد الاستقلال/يوم نكبة فلسطين. وهو موقف غير محتمل وقد أوغل في التعدّي على الخطوط الحمراء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.